السبت، 15 أكتوبر 2011

فن الجسد، المجاسدة ما بعد الحداثة


فن الجسد مابعد الحداثة  (Body Art)



يعد فن الجسد ( Body Art ) أحد أنواع الفن ألمفاهيمي، وهو، يعتمد الجسد مادة أساسية للعمل الفني، مكرساً بذلك حالة الانحراف بالفن بأبعاده عن صيغه التقليدية، إذ يتخلى من خلاله الفنان، عن كل المقاييس الجمالية والأخلاقية؛ فالعمل الفني يتمثل بحركات تشبه بعض الممارسات الطقسية البدائية أو الحفلات الدينية، ليقتصر جل اهتمام الفنان على الحياة نفسها، والتي تحولت إلى عمل فني، وأصبح الفن هو الحياة . وتُعد أعمال كل من (جوزيف بيوز Joseph Beuys)  و (أوتو مول) و (ستيوارت برازلي) فيما يعرف (بحركات الجسد)، الممهد العقلي لهذا الفن، إذ شارك معظمهم في حركات مطولة وحشية، تتحدث عن طقوس، وغالباً ما تمهر أجسادهم العارية بلطخة من الدم أو تعليق لأحشاء مقطعة من حيوانات، لتسلط عروضهم تلك، الضوء على عنف الإنسان، ولتعمل نوعاً من العلاج بالصدمة


وهو بذلك ـ فن الجسد ـ، يقوم بعمل تحريضي يحرك الجمهور بعنف، فهو يرفض، وينفي، كل القيم القديمة، الجمالية، والأخلاقية. الملازمة المتضمنة في الممارسة الفنية، أو يفترض أنها تنتسب إليها، ليكون الفنان المعبّر الحقيقي عن العدمية، التي قد أعلنت موت، وأفول، وانحلال تلك القيم. والابتداء بقيم جديدة، تصطبغ بصبغة هذا العالم، الذي تسوده الفوضى، والعبثية، والانتقائية، والنسبية. في ظل العولمة، التي تسحق الإنسان، وتطحنه في رحاها، من أجل هيمنة المال، والشركات العابرة للقارات. في ظل النظام الرأسمالي الحالي للدول الصناعية الكبرى.



 تأتي السطوح التصويرية، في سياق فن الجسد، لتتناول الجسد الإنساني، كإنتاج جمالي وفني، وكثقافة جديدة تشجع على انحراف الفن وابعاده عن تقاليد الصنعة، وبهذا فهو _ فن الجسد _ تفكيك لمشروعية الخطاب الفني في الرسم، من خلال ابتكار معالجات، وتقنيات، وأساليب، تعتمد على خامة جديدة، كسطح لطرح الرؤى الفنية والجمالية، ألا وهو الجسد الإنساني، كفضاء نحتي حي، وبهذا فقد مهّد فن الجسد للاقتراب من الحدوثية، أي الفن الحدث (العمل الفني الحدث)، والابتعاد عن المقاييس الجمالية، والأخلاقية، والمعرفية. فالعمل الفني القائم على ممارسات طقسية بدائية، حوّل العمل الفني إلى وجهة نظر جديدة للحياة، لتصبح المعادلة متساوية، أي أنّ الفن هو الحياة. وبتخطي فن الجسد لجميع المقاييس والمعايير الفنية، فإنّه يقوم كفعل محايث لفعل إبداع مهمة التحريض ، ورفض ، ونفي للقيم الجمالية القديمة . ففيما يعنى الفنان بالرسم ، والوشم على أجزاء الجسد ، فإنّه يحاول تزيين الجسد كمسطح تصويري محتفي بالشكل، وآليات، وعناصر بنائه، المستخدمة ، باسلوب يزاوج بين البنية التجسيمية، والتسطيحية ، أو بين التصوير ، النحت ، وباسلوب شعري ، يقرّب بين جنسين فنيين .



من هنا ، ففن ما بعد الحداثة ، فن يعبر دون حياء ، عن الرغبات العارمة للشباب ، ويدعو ، لأن تكون الحياة ، والمجتمع حيويان ، يتصفان ، بامتلاك هذه الروح ، التي هي قريبة من الصرعات ، والمودات ، التي تتبدل ، وتتغير ، تبعاً لأذواق الشباب والمراهقين ، وهم في الوقت نفسه ، يساهمون ، في صنعه ، وتلقيه ، والاهتمام به ، والدعوة إليه ؛ كونهم جزءاً أساسياً ، من المجتمع الاستهلاكي المعاصر ، والثقافة ، والمعرفة العدمية المعاصرة ، التي يعيشها الإنسان المعاصر ، والتي تتطلب منه ، أن يكون حاضراً ، لصنع وجوده ، وذاته على مقاييسه ، وليس على مقاييس الآخر .

ملاحظة ( ان عدم ادراج العديد من الصور الملائمه ياتي من باب الثقافة المتحفظه والدين )



هناك تعليقان (2):

  1. يعطيك العافية على هالموضوع الشيق .. فالفن لا حدود له .. ولو حاولنا تحجيمه لفقد الكثير من جمالياته ففي حرية التعبير ( ابداع ) يتألق و في تنوع الاساليب الفنية عظيم الابهار يتألق .. شكراً

    ردحذف
  2. حياك الله اخوي محمد .. اضفت للموضوع بصمة مميزة

    ردحذف